التصدع الاجتماعي – أثر النزاع المسلح في سورية في رأس المال الاجتماعي 1/3

التصدع الاجتماعي – أثر النزاع المسلح في سورية في رأس المال الاجتماعي 1/3

 

ملخص تنفيذي

معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية

يشخص التقرير أثر النزاع المسلح في سوريا على العلاقات الاجتماعية من خلال استخدام مفهوم رأس المال الاجتماعي مدخلًا لتحليل الجوانب المختلفة المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية كالثقة والتعاون والقيم المشتركة.

يطور البحث دليلًا لقياس رأس المال الاجتماعي بناءً على مناقشة نقدية للمفهوم واستنادًا إلى مسح ميداني متعدد الأغراض يتضمن مؤشرات كمية ونوعية لمرحلتي ما قبل الأزمة وأثنائها. ويساعد تحليل هذا الدليل عبر الزمن والمناطق وتفصيل مكوناته ودراسة محدداته في فهم حالة التصدع الاجتماعي في سوريا نتيجة استمرار الأزمة التي تعتبر واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية والتي تحولت من حراك مجتمعي ينادي بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية إلى نزاع مسلح بفعل قوى الاستبداد والتطرف.

1. يتبنى البحث تعريفاً إجرائياً لرأس المال الاجتماعي على أنه ما تم تراكمه في مجتمع ما، أفرادًا وجماعات ومؤسسات، من قيم وروابط وشبكات اجتماعية مبنية على الثقة المتبادلة بين أفراده وجماعاته، ومؤثرة ومتأثرة بالمؤسسات المجتمعية الناظمة للحياة العامة التي تسهل التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع، وترسخ أسس التماسك والاندماج الاجتماعي، وتعمل بشكل حثيث لخلق الإنسان الحر والواعي والمنتج والقادر على خدمة الصالح العام. حيث يعد رأس المال الاجتماعي رأس المال الاجتماعي جزءًا رئيسياً من ثروة ومقومات المجتمع التي تنعكس إيجاباً على نوعية حياة أفراده.

2. وقد تم تطوير دليل لرأس المال الاجتماعي في سوريا، بناءً على مسح حالة السكان للعام 2014 الذي شمل مقابلة حوالى 2100 شخص مفتاحي، ويتضمن الدليل ثلاثة مكونات: الأول هو العلاقات والشبكات الاجتماعية مقاساً من خلال أربع مؤشرات أساسية هي، المشاركة في اتخاذ القرار العام، والعمل التطوعي، والتعاون لحل المشاكل، ومشاركة المرأة؛ والثاني هو الثقة المجتمعية، ويتم قياسه من خلال مؤشرين أساسيين هما الثقة بين الأفراد ومدى الشعور بالأمان؛ والثالث هو القيم والتوجهات أو التفاهمات المشتركة، ويتم قياسه من خلال درجة التوافق بين أبناء المجتمع على رؤية مشتركة للمنطقة، ودرجة التوافق بينهم على رؤية مشتركة على المستوى الوطني، إضافة إلى مكانة المرأة في المجتمع. علماً بأن وحدة التحليل هي المجتمع المحلي، إذ استخدم المسح منهجية مركبة لتناسب ظروف النزاع، والمبنية على دراسة على مستوى المناطق المدروسة التي غطت سوريا بالكامل.

3. يظهر البحث أن دليل رأس المال الاجتماعي المركب في سوريا تراجع حوالى 30 % أثناء الأزمة مقارنة بما قبلها، ونتج هذا الانخفاض من تراجع واضح في مكونات الدليل الثلاثة ولكن بدرجات مختلفة إذ يسهم مكون الثقة المجتمعية ب % 58 في تراجع دليل رأس المال الاجتماعي بينما يسهم مكوني القيم والشبكات في هذا التراجع بنسب تبلغ % 22 و% 20 على التوالي. وُيلاحظ أن أكثر المحافظات التي تراجع فيها دليل رأس المال الاجتماعي هي المحافظات التي تضررت بشكل واسع من الحرب والأعمال القتالية والاستقطاب وبلغ الانخفاض أقصاها في الرقة )% 80 ( تليها الحسكة )% 52 ( وإدلب )% 47 (، بينما بلغ هذا التراجع أدناه في طرطوس بحدود % 5 وفي دمشق بأقل من % 10 إذ تتميز هذه المناطق بتعرضها لمستويات أقل من الدمار نتيجة النزاع.

  • Social Links:

Leave a Reply